خطوات نحو الجنة

أنها الخامسة والنصف صباحاً يبدو أن الروان بدأ يطرق أبواب القلوب لتتأهب للقاء العزيز عند ساعة الصفر، ساعة الأذان......

أكمل صلاته بهدوءٍ مطلق، احتضنت روحهُ بضع سورٍ من كتاب الله الكريم، استجمعَ سجادةَ صلاتهِ ثم ذهب ليطمئن على أولاده، غطت يديه الخشنة أجسادهم الصغيرة الواهنة احتضنهم بدفء وحنو ليطرد عنهم شر البرد القارس فهو وحش عنيد يتسلل خلسة اليهم من كل حدبٍ وصوب، ختم جباههم بقبلة لطيفة كقلبهٍ تماماً، على ما يبدو أنها الأخيرة حتى اطالها بدون أن يشعر، بعد ذلك قصد محبوبتهِ التي اعتادت أن تستيقظ كل صباح على وقع أقدامه حين يجول في البيت لينشر الأمان قبل أن يعرج إلى مقام كده، كان فطورهما شاعرياً جداً لا يخلو من ابدع عبارات الغزل والحب حتى اسمتها زوجته (فقرة عبارات روميو خاصتي)، ثم ودعها بحضنه رقيقة وقبلة تختلف قليلاً عن سابقتها فهذه لزوجته فمن المؤكد ان تكون خاصة ومختلفة، ضل يجول في البيت هنا وهناك  متأملاً في جدرانه، زواياه، حاجياته البسيطة وحتى أولاده وزوجته ولا يعلم أيضاً سبب ذلك سوى أنه يريد فعل ذلك فقط...... 

استوقف أمام باب داره البسيط نظر حوله بنظره أسى متمعناً في قطع الكونكريت الرمادية المزخرفة باللون القرمزي الصغيرة الحجم التي بدأت تهترأ من شدة التأكل بفعل المطر ثم الى جدران البيت التي بدأت تأخذ حيزاً في ميلانها لولا جذع شجرةٍ وضعه لتستند عليه، رفع ببصره نحو السماء وبتنهيدة طويلة نطق يا فتاح يا رزاق.......

احتضن ترموس الشاي واكوابه الصغيرة الشفافة خاصته وانطلق إلى مثواه بخطوات متأملة برحمة الله ، كان طريقهُ معبداً بالنور كأنهُ يخطو نحو الجنة شيئاً فشيئاً وليس لكسب رزقه من ترموس الشاي البسيط ........

كان يسمع صوتاً خافتاً يناديه، يقول لهُ تعال إلي..... تعال إلي......

في لحظة غير مسبوقة بالإنذار ارتطم شيء في شيء، 

اصبح هنالك حشد أجساد وفير ، دماء تصبغ الارجاء ، شرارات نارٍ تتسابق في ما بينها أيها أعلى واكبر  ، دخان بدأ يتسلل في الارجاء.....

ثم هو أين هو؟!

آه انه هناك في الأعلى يرفرف فوق جسدٍ يحتضن الأرض بقوة ، انه جسدهُ على الأغلب، نعم هو كذلك ........