سيد الماء
أستغاث الفرات بصنديد بني هاشم في كل
لحظة من كلابٍ سائبة غائلة و لا تلبث لحظاتٍ حتى يدركهُ كليثٍ أشوسِ غير مبالٍ بالألوف
التي أحدقت به بحقد دفين، يتوغل في أعماق النخيل المحيط بالشاطئ كأهداب حورية ،
متجاوزاً أحراش الرماح ، ليس بموسم حصاد لكن حصاد الرؤوس كان وفيراً جداً فبعضهم
كان يُكبُ على حتفه والبعض الآخر كان يفر
بجلدهِ عندما يشعر بملك الموت يجول بينهم تحت أمرة أبو الفضل ......، أقحم فرسه في
قلب الفرات...... ألتقيا معاً ..... نظر بعضهم إلى بعض أخيراً.... كان الماء يعد
اللحظات ليحتضن يدي سيده ، ليقبلها...... ليشعر بلامان في حظرته، عم السكون في
الارجاء، صار يعرض عليه مشاهدً من حشد العيال الذي تنتظره، شفاه ذابله، أجواف
يابسه، أجساد هزيلة نحيلة، عينا سكينة التي ترصد ريشً خضرً بلهفة، ثم قلب الحسين
متفطر من العطش، و إطفال تنادي العطش يا عماه، رمى الماء من بين يديه وأوقف مشاهده
المفجعة مخاطباً نفسه :
يا نفس من بعد الحسين هوني
وبعده ل اكنتِ أو تكوني
أهبط رأس قربته الجلدية الكبيرة في الماء يأمره بالذهاب معه للمخيم الحسيني، أنصاع فوراً لأمر حظرة القائد العام وصار يملئ القربة بانسيابية واطمئنان، أحكم اغلاقها، وهمّ لينعش الحشد المنتظِر.....
هنالك أحمقٌ خاسر يختبئ خلف نخلةٍ يريد تعويض خسارته بيمين ابا
الفضل.... لقد أفلح فقد سقطت اليمنى ثم تبعته اليسرى على يد خاسرٍ آخر ، كفان
وفيان فلم يأبى أن يسقط واحد فقط حتى تبعه الآخر بعد لحظات ، أما القربة فقد غُدرت
بسهم لئيم أطرحها أرضاً، صارت تخرج ما بداخلها بمخاضٍ شديد أمام عيني سيد الماء ،
لم يستطع أنفاذها، فهو بلاكفين، بعين واحدة، وغُرست النبال في جسده من كل جانب حتى
استقر أرضاً تواسيه رايته الخضراء كأنها تقول أنا معك يا سيدي للنهاية.
حتى أدركهُ ليث غاضب دخل مزمجراً بين الجموع الغفيرة التي حاطت
بالمكان كالكلاب حين يرمى اليها قطعة لحم, نوارها ببراعة حتى أستقر فوق رأسه لكنه
لم يحظى الا بلحظات الوداع الأخير, كقبلة أو شمة صدر أو لربما باحتضان طويل شرح ما
بداخله من ألم وجزع الى أن انتهى كل شيء بهدوء مطلق.
يا نفس من بعد الحسين هوني
وبعده ل اكنتِ أو تكوني
أهبط رأس قربته الجلدية الكبيرة في الماء يأمره بالذهاب معه للمخيم الحسيني، أنصاع فوراً لأمر حظرة القائد العام وصار يملئ القربة بانسيابية واطمئنان، أحكم اغلاقها، وهمّ لينعش الحشد المنتظِر.....
إرسال تعليق